شروط تحقيق النهضة الإسلامية

شروط تحقيق النهضة الإسلامية
شروط تحقيق النهضة الإسلامية
نحو مشروع نهوض حضاري أصيل ومعاصر
د. زيناء أنس ليلى


1. التحرر الداخلي وإعادة بناء الوعي
لا نهضة بدون وعي. النهضة تبدأ من تفكيك الهزيمة النفسية، والتخلص من مشاعر الدونية والتبعية. كما قال مالك بن نبي: "الاستعمار لا يدخل أرضًا إلا بعد أن يدخل عقلًا."
نحتاج إلى إنسان مسلم حرّ، فاعل، ناقد، لا تابع ولا مقلد.
2. العودة للقرآن كمنهج حياة
ليس مجرد تلاوة أو حفظ، بل فهم حضاري شامل. القرآن يقدم مشروعًا للنهضة: "اقرأ"، "عدالة"، "شورى"، "إعمار"، "حرية"، "إتقان". كما قال الشيخ محمد الغزالي: "كلما قرأت القرآن شعرت أن الأمة تريد أن تنهض ولكنها مُكبّلة."
نحتاج إلى "قراءة تحرر"، لا "قراءة تعويذ".
3. إحياء الروح الأخلاقية للدين
النهضة ليست فقط نظمًا سياسية أو صناعية، بل تبدأ بـ ترسيخ القيم: الصدق، العدل، الأمانة، الإحسان، المسؤولية. قال طه عبد الرحمن: "الدين إذا فُصل عن الأخلاق تحول إلى أداة هيمنة لا وسيلة تحرير."
الدين في خدمة الإنسان، لا في استعباده.
4. اجتهاد فقهي وفكري متجدد
لا يمكن بناء المستقبل بعقل ماضوي جامد. نحتاج إلى فقه جديد يُوازن بين النص والمقاصد والواقع. كما قال راشد الغنوشي: "النهضة تحتاج إلى عقول تجتهد، لا ألسنة تكرّر."
الشجاعة في الاجتهاد أهم من السلامة في التقليد.
5. وحدة الأمة أو على الأقل التعاون
لن تنهض أمة متشرذمة. الوحدة ليست ذوبانًا، بل تعاون على أرضية مشتركة: العدل، الكرامة، تحرير الإنسان، الاستقلال. قال محمد عبده: "أصل الداء في الأمة: انقسامها على نفسها."
لنتعاون على الحد الأدنى، بدل أن نفشل عند السقف الأعلى.
6. نظام حكم عادل وشوري
النهضة تحتاج إلى أنظمة تحرر لا تَستعبد، تخدم لا تُسيطر. لا مكان للاستبداد في مشروع نهضوي. كما قال عبد الرحمن الكواكبي: "الاستبداد عدو للحق، قاتل للحرية، وأصل لكل فساد."
لا إصلاح مع الظلم، ولا نهضة مع كبت الحرية.
7. ثورة تعليمية شاملة
التعليم هو العمود الفقري لأي نهضة. نحتاج إلى تعليم يُخرّج إنسانًا حرًا، ناقدًا، مبدعًا، لا آلة حافظة.
قال ابن باديس: "لو كان لي مال كثير لأنفقته على تعليم الفقراء."
أمة لا تُعلّم أبناءها، لا تستحق مستقبلًا.
8. بناء قاعدة علمية وصناعية مستقلة
النهضة اليوم لا تُبنى بالخطابات، بل بالتكنولوجيا والمعرفة. لا بد من الترجمة، البحث العلمي، الابتكار، التصنيع، الريادة. قال محمد إقبال: "الإسلام حركة لا تقف، وحضارة لا تجمد، وروح تسعى للخلق الدائم."
من لا يُنتج، سيظل مستهلكًا، ومن لا يخترع، سيظل تابعًا.
9. تحرير المرأة والاهتمام بالأسرة
لا نهضة بدون المرأة ولا بدون توازن داخلي في الأسرة. الأسرة الناضجة هي نواة المجتمع النهضوي.
تمكين المرأة لا يعني تقليد الغرب، بل تحريرها من الجهل والتبعية.
10. مشروع ثقافي جامع
نحتاج إلى فن، أدب، إعلام، فكر... يخدم الإنسان والنهضة. كما قال إقبال: "أعطني شاعرًا أصيلًا، أُعطِك أمة تنهض من سباتها."
الثقافة هي روح الأمة، والنهوض يبدأ بالمعنى قبل المادة.
خلاصة:
النهضة الإسلامية ليست حلما مستحيلا، بل مشروعًا ممكنا… حين نبدأ: من الداخل قبل الخارج. من الإنسان قبل النظام. من الفكرة قبل البنيان.