ملخص كتاب: لحظة الإقلاع وتساؤلات المرحلة - للدكتور جاسم سلطان

ملخص كتاب: لحظة الإقلاع وتساؤلات المرحلة - للدكتور جاسم سلطان
مقدمة: من اليأس إلى فجر عصر جديد
في خضم التحولات العميقة التي يعيشها العالم العربي، يأتي كتاب "لحظة الإقلاع وتساؤلات المرحلة" للدكتور جاسم سلطان كبوصلة فكرية ترسم ملامح الطريق. هو ليس مجرد تحليل للأحداث، بل غوص في أعماق الأفكار التي شكلت واقعنا، ومحاولة جادة للإجابة على الأسئلة التي يطرحها مشروع النهضة منذ انطلاقه عام 2004م. 
يرى الكاتب أن المنطقة العربية تشهد لحظة تاريخية فارقة، حيث عادت الجماهير العربية للساحة «كفاعل له قول فصل في صناعة المستقبل»، في حدث يراه الكاتب الأول من نوعه بهذا الحجم والتأثير منذ قرون. لكن هذا التحول من عصر «اليأس والإحباط» - وهو العصر الحديث الذي سبق الثورات وتميّز بالإخفاقات العسكرية وفشل المشاريع التنموية في نظر الكاتب - إلى «عصر ما بعد الثورات» يضعنا أمام تحديات جديدة؛ فالثورات تهدم النظم، لكن بناء الأوطان الحقيقي يبدأ في المصانع والمزارع وساحات العلم والمعرفة...
الفصل الأول: تشخيص اللحظة التاريخية
يفتتح الكاتب بتحليل رحلة البحث عن الخلاص في العقل العربي، التي انتقلت عبر ثلاث مراحل:
1. البطل المُنقذ: انتظار شخصية ملهمة كصلاح الدين لتحقيق النصر.
2. التنظيم المُنقذ: الرهان على التنظيمات العقائدية الكبرى (الشيوعية، القومية، والإسلامية). يجمعها الكاتب ليس لتشابه مبادئها، بل لأنها في نظره تشابهت في وظيفتها التاريخية كـ«سبيل للخلاص»، وفي نتيجتها المتمثلة باستنزاف طاقات الشباب والوصول إلى حالة من العجز.
3. المجتمع المُنقذ: ولادة فكرة جديدة من رحم الإحباط، حيث تحرك المجتمع بنفسه، مستفيداً من العالم الافتراضي الذي تحول إلى قوة حقيقية في الشارع.
في هذه اللحظة المفصلية، ينقسم الناس إلى ثلاثة أصناف:
1. اليائس: يرى في كل شيء مؤامرة، ويكتفي بنشر الإحباط ولعن الظلام.
2. الحالم: يعيش في عالم وردي، ويعتقد أن الأمور ستصلح بنفسها دون جهد، مكتفياً بانتظار قطف الثمار.
3. العامل: يدرك أن المستقبل معركة وتدافع، وأنه يُبنى بالأسباب والعمل الجاد، فيشمر عن ساعد الجد مسلحاً بالأمل والعمل.
ويؤكد الكاتب أن الانتقال من "هدم الأوثان" إلى "بناء الأوطان" هو التحدي الأكبر. فمرحلة الهدم تحتاج لخطاب غاضب، أما مرحلة البناء فتحتاج لعقول راشدة تعمل في ورش المصانع وقاعات البحث.
الفصل الثاني: جذور الأزمة وعوالمها الثلاث
يغوص هذا الفصل في عمق الأزمة، مؤكداً أن أي واقع نعيشه هو نتاج مباشر لعالم الأفكار الذي يحكمنا. ويقسم الكاتب جذور التخلف إلى ثلاثة عوالم مترابطة:
1. عالم الأفكار المأزوم: 
يرى أن واقعنا الحالي هو نتاج أفكار مشوشة ومميتة. ويستعرض تاريخ نهضات الأمم (العرب في فجر الإسلام، أوروبا، اليابان، الصين) ليثبت قاعدة تاريخية صارمة: 
«التحولات الفكرية العميقة تسبق دائماً النهضات المادية».
 فنهضة أوروبا لم تبدأ بعصر الآلة، بل بـ"عصر اكتشاف الإنسان لنفسه كعقل وفكر".
2. عالم العلاقات المأزوم: 
الأفكار المأزومة تُنتِج بالضرورة علاقات مأزومة. الصراعات الطائفية والعرقية والسياسية ما هي إلا انعكاس مباشر لأفكار الإقصاء والتشوش. ويقدم الكاتب ماليزيا كنموذج ناجح في بناء "عالم علاقات" سليم ؛ حيث تم بناء تعاقد اجتماعي اعترف بكل المكونات العرقية (الملايو، الصينيون، الهنود)، ومنح ميزات مؤقتة للفئة الأقل حظاً لضمان الاستقرار، مما حوَّل التنوع إلى رافعة للتقدم.
3. عالم المشاريع المأزوم:
 كنتيجة حتمية، تفشل المشاريع التنموية في التعليم والصناعة والاقتصاد ، لأنها تُبنى على أرضية فكرية وعلاقاتية هشة.
ويناقش الفصل قضايا المرحلة الملحة، مثل الخلط بين النهضة والتنمية؛ فالتنمية قد تكون مجرد مؤشرات اقتصادية، أما النهضة فهي مشروع ثقافي وروحي أعمق يهدف إلى تحقيق "وعي الإنسان وإطلاق ممكناته وتحرير إرادته". كما يوضح أن الإسلام يقدم "منظوراً شاملاً" للحياة وليس "نظاماً" جاهزاً للتطبيق، مما يفتح الباب أمام اجتهادات بشرية متنوعة تناسب كل زمان ومكان.
الفصل الثالث: أسئلة المشروع وإجاباته
يجيب هذا الفصل على التساؤلات الأكثر شيوعاً حول "مشروع النهضة" الذي يطرحه الكاتب، موضحاً فلسفته وآلياته:
- فلسفة المشروع:  يقوم المشروع على فكرة "المساهمة" وليس الادعاء بالقدرة على إنجاز النهضة منفرداً. ويستلهم ثلاثة مبادئ رمزية:
o الفسيلة: علامة الأمل والعمل حتى آخر لحظة.
o التمرة: علامة على ألا نستصغر أي عمل صالح مهما كان بسيطاً.
o الثوب: علامة على أن النهضة جهد جماعي، كلٌ يحمل طرفاً منه.
- منهجية العمل:  يقوم المشروع على "التمكين" وليس "التحكم". فهو يهدف لتكوين "تيار فكري" وليس "تنظيم هرمي". يزود الأفراد بالأدوات المعرفية، ثم يطلقهم ليعودوا وينفعوا مجتمعاتهم ومؤسساتهم وأحزابهم.
- الدور المطلوب من الشباب: بعد تلقي المعرفة، يُلخص المشروع الدور المطلوب في ثلاث خيارات عملية:
1. "كُن مشروعاً"  (تفوق في مجالك).
2. أو "كَوِّن مشروعاً" (أطلق مبادرتك).
3. أو "ادعم مشروعاً" (ساهم بجهدك ومالك).
- الفكر والواقع: يؤكد الكاتب على أن الفصل بين الفكر والعمل هو من سمات عصور التخلُّف. فالأمم الأكثر تقدماً هي الأكثر تفكيراً وبحثاً وإنتاجاً. والواقع ليس إلا تجسيداً لفكرة؛ صالحة كانت أم طالحة.