تتناول هذه الدراسة البحثية، المعنونة «تجديد الفقه الإسلامي: أصالة المبادئ القرآنية ومعاصرة التطبيق»، مسألة التجديد الفقهي (تجديد الفقه) في الفكر الإسلامي المعاصر من زاوية تحليلية نقدية. وتنطلق من فرضية أساسية مفادها أنّ الفقه الإسلامي التقليدي، على الرغم من دوره التاريخي في توفير منظومة شاملة من التوجيهات والإرشادات، يواجه اليوم تحديات غير مسبوقة أفرزتها التحولات المتسارعة للمجتمعات الحديثة. ومن هنا تبرز الحاجة إلى مقاربة ديناميكية واستباقية في عملية الاجتهاد القانوني والفقهي.
الدور المركزي
تركّز الدراسة على الدور المركزي والدائم للقرآن الكريم بوصفه المصدر الأول للتشريع الإسلامي، مؤكدة أن المبادئ القرآنية تشكّل مرجعية خالدة قادرة على تقديم حلول أصيلة وفاعلة للتحديات المستجدة. وفي هذا السياق، تستعرض المقالة الأسس المفاهيمية لكل من الفقه والتجديد، وتتابع تطورهما عبر التاريخ، مع إضاءة خاصة على إسهامات الأئمة الكبار (أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل) في تأسيس مناهج الاجتهاد ووضع أطر التفكير القانوني المستقل. كما تناقش الدراسة إسهامات المصلحين المحدثين، وفي مقدمتهم محمد إقبال ومحمد عبده، اللذين دعوا إلى إحياء الاجتهاد في مواجهة الجمود الفكري والتأثيرات الاستعمارية.
تطبيق المبادئ القرآنية
وتخصص الدراسة قسمًا موسعًا لتطبيق المبادئ القرآنية على جملة من القضايا المعاصرة، منها:
- العملات الرقمية (مثل العملات المشفرة) في ضوء القيم القرآنية المرتبطة بالأخلاقيات المالية وتحريم الربا والغرر؛
- المعضلات البيوأخلاقية مثل الاستنساخ، والهندسة الوراثية، وزرع الأعضاء، انطلاقًا من تركيز القرآن على قدسية الحياة والخلق؛
- القضايا البيئية كالتغيّر المناخي والتنمية المستدامة، استرشادًا بالخطاب القرآني الرافض للفساد في الأرض والداعي إلى الاعتدال؛
- تحولات البنية الأسرية المعاصرة؛
- والاعتبارات الأخلاقية المرتبطة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
أبرز العقبات
وتشير المقالة إلى أبرز العقبات التي تعيق مسار التجديد الفقهي، وعلى رأسها التمسك الجامد بالتفسيرات السابقة، وتراجع القدرة الاجتهادية، مقترحةً حلولًا بديلة تقوم على مبدأ الاجتهاد الجماعي والانخراط العميق في مقاصد الشريعة. وتختتم الدراسة بالتأكيد على الراهنية الدائمة للقرآن الكريم، باعتباره مصدرًا أبديًا للهداية، قادرًا على تمكين الأمة الإسلامية من مواجهة تعقيدات العصر الراهن وحلّ إشكالياته، دون التفريط في ثوابته ومبادئه القطعية.