هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على السياق التاريخي الذي نشأ فيه الخطاب النهضوي العربي، والذي كان سؤاله الجوهري: كيف نتقدم؟ وفي هذا البحث، كان التركيز على خطاب الإصلاحية العربية؛ وذلك بالكشف عن الإطار المرجعي والفكري لزعماء الإصلاح في العالم العربي في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
ولقد توصلت الدراسة إلى أن خطاب الإصلاحية العربية في بداية التكوين كان خطابًا منفتحًا على العصر، متقبلًا للحداثة، ومعجبًا بالدولة الحديثة ومكتشفًا لها، وناهلاً دون تردد من منبع الفلسفة السياسية الحديثة. كان خطابًا يحركه هاجس النهضة والتقدم، لكن هذا الخطاب عرف تراجعًا ونكوصًا وعودة إلى الوراء، نحو العصر الوسيط؛ إذ تشكل خطاب الإحيائية الإسلامية الذي كان سؤاله: كيف نحمي الذات ونحافظ على الهوية؟ أو بصيغةٍ أدق: كيف ننغلق؟
وبالتالي، فإن خطاب الإصلاحية العربية الذي قطع مع مفاهيم العصور الوسطى عاش لحظة انفتاح وتصالح مع العصر ومع الحداثة في بداية التكوين، ولكن في لحظة تاريخية فارقة عرف لحظات انغلاق وتقوقع ونكوص.